مشروع المحكمة السورية لمنع الإفلات من العقاب

في ظل تفاقم التحديات التي يتفرد بها الوضع السوري من حيث الحجم الهائل للقتل والدمار وكون أعداد المتضررين أصبحت تشمل أغلب أبناء الشعب السوري ومع ترجيح استمرار العنف في سوريا لأمد أطول، تتواصل الأدلة على حدوث انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان في سوريا، وهي انتهاكات تأتي بعد عقود من القمع وقصور مؤسسات الدولة بما فيها القضاء والمحاكم.

وبينما يبدو احتمال إحالة ملف الجرائم المرتكبة بسوريا إلى محكمة الجنايات الدولية أو إقامة محكمة خاصة بالجرائم المرتكبة بسوريا ضعيفاً جدا بسبب ضرورة صدور قرار من مجلس الأمن بهذا الخصوص وهذا يبدو مستحيلا بسبب معارضة حاسمة من قبل أعضاء دائمين في مجلس الأمن.

وبينما لم تستجب الدول الغربية جميعها للمطالبة بإعطاء محاكمها الوطنية صلاحية فتح ملفات للجرائم ضد الانسانية المرتكبة بسوريا، كما رفضت لجنة التحقيق المكونة من مجلس حقوق الإنسان بعرض نتائج تحقيقاتها وتسمية المتهمين والمثبت إدانتهم بالجرائم المرتكبة في سوريا، يبقى ملف العدالة في سوريا ضعيفاً مما يعطي الفرصة للمجرمين للإفلات من العقاب لا بل وتشجيعهم وغيرهم على ارتكاب جرائم أكثر وأشد بشاعة، الأمر الذي يتناقض مع جوهر المواثيق الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان.

مع استمرار المجتمع الدولي تأكيده على الحلول السياسية مع تجاهل تام لملف العدالة ومحاسبة مجرمي الحرب , بل يشجع على إعادة تأهيل المجرمين وتحويلهم من إمراء حرب لأمراء سياسة.

ومن هنا تبرز أهمية الدعوة إلى العدالة وإدانة انتهاكات حقوق الانسان ومحاسبة مرتكبيها، ليس فقط من أجل تأكيد سيادة القانون في فرض العقوبات ورد المظالم إلى أهلها وطمأنة ذوي الضحايا، بل أيضاً من أجل كبيراً في إرساء حركة السلم الأهلي والتحول نحو مجتمع آمن وقادر على إرساء الديمقراطية ووضع الأحقاد جانبا ودفن اليأس والإحباط والاحتقان والتطرف والعنف والوقوف في وجه حالات الانتقام العشوائية الكفيلة بتدمير روابط المجتمع السوري.

في ظل كل ذلك تحاول المنظمات المشتركة بهذا المشروع فتح ثغرة في هذا الجار من خلال مشروع لإنشاء محكمة شعبية أهلية خاصة بملف سوريا يكون مركزها إما تركيا أو لاهاي، وتتألف من قضاة ومحامين دوليين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وأيضاَ قضاة ومحامين سوريين للتدرب على آليات وقوانين المحاكمات الدولية.

هدف هذه المحكمة ليس فقط فتح ملفات الجرائم المرتكبة بسوريا أمام الرأي العام ليسمع الحقيقة ويوصل صوت الضحايا وصوت العدالة لآذان الجميع عبر محاكمات علنية تعتمد القانون الجنائي الدولي وأصول المحاكمات المتبعة أمام محكمة الجنايات الدولية، بل وأيضاً بناء قدرات الكوادر الوطنية السورية من خلال تطبيق عملي شامل لتكون قادرة على التأسيس لعملية عدالة تصالحية  في المستقبل.

والأهم تذكير المجتمع الدولي بعجزه وتجاهله لملف العدالة تحت مسمى البراغماتية السياسية , وسحب ملف العدالة في سوريا من بازار المصالح الدولية وإرسال رسالة واضحة للجميع بأن ملف العدالة ومحاسبة المجرمين الذين ارتكبوا المجازر وقتلوا الشعب السوري ودمروا سوريا  لن يكون بأي شكل من الأشكال جزء من أي عملية تفاوض أو نقاش أو حل , بل أنه لا يمكن الحديث عن أي حل سياسي دونه , وأن مرتكبي الجرائم ضد الانسانية لا يمكن أن يكونوا بأي شكل من الأشكال جزء من مستقبل الانسانية , وصانعي الحرب لا يمكن أن يكونوا صانعي سلام , ومدمري سوريا لا يمكن أن يكونوا مشاركين بإعادة بنائها  .

 

ونسعى من خلال هذا المشروع لتحقيق ما يلي:

  1. تدريب كادر قانوني ملتزم من القضاة والمحامين السوريين على إجراءات وقوانين المحاكمات الدولية وتدريبهم على القيام بهذه المحاكمات بكل شفافية وأمام الرأي العام ووسائل الإعلام.
  2. إرسال رسالة واضحة للضحايا بأن العدالة قادمة ولن يتم طوي الجرائم المرتكبة بحقهم وأن حقوقهم لن تنسى وبالتالي تخفيف حالة الاحتقان والسيطرة على حالات الانتقام.
  3. إرسال رسالة لمرتكبي الجرائم والانتهاكات الكبرى أنهم لن يكونوا بأي وقت بمنأى عن الملاحقة والعقاب وأن جرائمهم لن تطوى أوتنسى.
  4. وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته وفضح عجزه وتجاهله لملف العدالة في سوريا وإنها سياسة العدالة الانتقائية أو العدالة الانتقامية .

ويضمّ المشروع:

  1. ثلاث غرف تحقيق يكون بكل غرفة منهما قاضي دولي وثلاث قضاة سوريين تقوم كل غرفة بفتح ملفات القضايا وتجميع الأدلة وسماع الشهود وتهيئ الملف بقرار اتهام يحال للمحكمة
  2. هيئة محكمة مؤلفة من خمسة قضاة منهم قاضي دولي وأربعة قضاة سوريين تقوم المحكمة بالتثبت من قرارات الاتهام الصادرة عن غرف التحقيق وإجراء محاكمات علنية
  3. مكتب ادعاء مؤلف من قاض دولي وأربعة محامين سوريين.
  4. مكتب دفاع مؤلف من قاض دولي وأربعة محامين سوريين.
  5. كادر إداري من عشرة موظفين يعملون ككتاب للمحاكم وبديوان المحكمة ديوان التحقيق ومترجمين.
  6. مدير للمشروع مع مساعدين

 

مراحل تنفيذ المشروع:

  • اختيار القضاة والمحامين المشاركين بالمشروع , ويكون ذلك عبر مرحلتين للوصول لعدد المشاركين بالدفعة الأولى وهو عشرون قاضيا ومحاميا .
  • إجراء دورات مكثفة للمشاركين من القضاة والمحامين السوريين
  • التعاون مع نخبة من القضاة الدوليين للبدء بالاشتراك مع القضاة والمحامين السوريين المشاركين بفتح الملفات أمام غرف التحقيق بسماع الادعاء والشهود ومعاينة الأدلة وإصدار قرارات اتهام,
  • أجراء محاكمات علنية وشفافة أمام هيئة المحكمة برئاسة القضاة دوليين ومشاركة القضاة السوريين وإصدار قرارات نهائية.

 

مدة المشروع

المشروع سيستمر من سنتين حتى خمس سنوات , حسب تطورات الوضع في سوريا

ندعو الجميع أفراد ومؤسسات ودول لدعم المشروع لأن ملف العدالة ومحاسبة المجرمين هو الخطوة الأولى التي لا بد منها قبل الحديث عن سوريا الجديدة.